مصعب أحمد – القاهرة
بينما تقرأ هذه السطور يعكف حاليا ثلاثة أشخاص هم رون دايبرت ، نارت فيلينيوف ومايكل هال، منكوشي شعر الرأس -يدفعهم إيمانهم بحرية التعبير و مفعمين بالكثير من عشق السياسة- في أحد معامل الحاسبات في قبو جامعة تورنتو في كندا على تطوير مشروع برمجي للتغلب على "سور الصين العظيم" الذي فرضته الصين على الانترنت..
تأتي هذه المبادرة تحت اسم "سايفون" أو Psiphon، و التي من المتوقع أن تخرج للنور بانتهاء الشهر الحالي، و تستهدف بشكل أساسي نظام الرقابة الصيني لأنه أكثر هذه النظم تعقيدا، فالحكومة الصينية فرضت نظاما حديديا صارما للرقابة على الانترنت، و منعت العديد من المواقع آخرها موقع Technocrati محرك البحث الشهير الخاص بالمدونات و الصحف الالكترونية الشخصية -و الذي ما تزال أسباب حجبه غير معلومة حسب تصريحات لأحد مسئولي الموقع- متجاهلة أن الصين بها أحد أسرع و أنشط حركات التدوين في العالم، و تعاقدت مع شركات البحث العملاقة على عدم عرض نتائج تخص كلمات مثل "حرية" ، "ديموقراطية" و أسماء بعض زعماء المعارضة الشعبية الصينية، مما سبب العديد من الأزمات أشهرها أزمة جوجل الأخيرة، برغم أن الشعب الصيني يمثل نسبة لا يستهان بها من مستخدمي الشبكة الدولية..
و بالإضافة إلى الصين، فالمشروع يستهدف نظما أخرى مثل السعودية (تمنع المواقع الإباحية و المواقع التنصيرية و التكفيرية و أخرى غير واضحة الأسباب) و إيران (تمنع المواقع الإباحية و مواقع حقوق المرأة) و بورما (تمنع المواقع الإباحية و المعارضة السياسية و المتعلقة بالديموقراطية و مواقع الفورتينيت ) و تونس(تمنع المواقع الإباحية و مجموعات حقوق الإنسان و كل ما يتعلق بتنمية وعي "خصوصية الاستخدام و المستخدم") و اليمن (تمنع المواقع الإباحية و كل المواقع التي تساعد على التخفي باستخدام الـproxy) و الإمارات العربية المتحدة (تمنع المواقع الإباحية و مواقع القمار و المواقع التي تصنف نفسها على أنها تابعة لـ"إسرائيل").
"إنه مشروع ضخم" تصدر الجملة السابقة قوية من فم رون دايبرت البالغ من العمر 41 عاما و الذي يرأس مركزا لدراسة حقوق المواطن و المواطنة تابع لجامعة تورنتو، و يردف بعدها مباشرة قائلا "لو تم إنجاز هذا المشروع كما نريد و انتشر دوليا بين المستخدمين سنكون قد حققنا خطوة بالغة الأهمية في تاريخ حرية التعبير" .. و يضيف نارت فيلينيوف –31 عاما- و هو يضع كوب الشاي الذي يحمل صورة "جيفارا" على المكتب أمامه "إنه يبدو الصواب الذي لابد من فعله حتى و إن كان الثمن غاليا".. و يقول شارون هوم ، أحد العاملين بمكتب حقوق إنسان تابع لنيويورك في الصين، "لطالما حاربنا الرقابة و الأسوار المعلوماتية التي تفرضها الحكومات على شعوبها، لذلك نحن مهتمون للغاية بهذا المشروع".
وتقوم فكرة عمل المشروع بمنتهى البساطة أن يقوم السيرفر "المزود" الخاص بالمشروع بالقيام بما لا يستطيعه جهازك ، بحكم الرقابة و الأسوار التي تحيطه، نيابة عنه، ثم يرسل له النتائج، فالجهاز الرئيسي لهذا المشروع سيوضع في مكان لا يخضع لأي رقابة مما سبق، و للاستفادة منه لابد من تنصيب برنامج معين على جهازك الشخصي، و هذه الخطوة تحديدا تتطلب ثقة كبيرة بين المستخدم و القائمين على المشروع، فهذه الأداة أشبه ما تكون بـأداة جوجل للبحث على جهازك الشخصي.
وختاما فالحاجة لمثل هذا البرنامج و غيره من صور و أشكال الاعتراض و الاحتجاج تتزايد يوما بعد يوم مع تزايد عدد الدول التي تحجر على المواقع و تفرض نفسها جهة رقابية على مستخدمي الانترنت في شعوبها، بحجة حجب مواقع غير مفيدة أو متعارضة مع ثقافة مجتمعاتها و التي عادة ما تكون حجة لخدمة أغراض أخرى و خلط الأوراق بعضها ببعض..
اقرأ على عشرينات أيضا:
هذه الصفحة غير مسموح بها.